•  وجوه مسؤومة أكثر منها مألوفة، ورثوا احتكار المهنة عن زعماء العرب المتصلبين في أماكنهم منذ عقود
  • نظم قسم اللغة العربية والاعلام في الجامعة العربية الامريكية ورشة عمل بعنوان فن الكاركاتير باستضافة الفنان الكاركاتيري محمد سباعنة
  •  كوني له نورًا يكون لك مهندًا
الأتراك قدموا نموذجا رفيع المستوى من العلاقات المثالية بين الرجل والأنثى ( مشهد من المسلسل التركي نور)

الأربعاء، 20 يونيو 2012

إعلامُنا .. مهنة المُحتكرين

مُحمد خيري
باتت وجوههم مسؤومة أكثر منها مألوفة، ورثوا احتكار المهنة عن زعماء العرب المتصلبين في أماكنهم منذ عقود، لا يضرهم من جاء بعدهم من غير القادرين على زعزعة أماكنهم، فباتوا هم وحدهم يملؤون ميدانًا تكاد تُغرقه انهار من هم عن العمل عاطلين.

هُم مُجرد وجوه إعلامية معروفة لمحيطها أو أكثر من ذلك بقليل، تلقت ما لديها من خبرات من مدارسنا القديمة، فطبقت تلك النظريات الإعلامية التي أكل الدهر عليها والزمان شرب، فلم تواكب عصرًا بات يتقدم كل يومٍ، بل كل ساعة وحين.

 فعلى الرغم من تكاثر وسائل الإعلام في وطننا المحكومة عليه بِظلم الاحتلال، الرسمية منها وغير الرسمية، إلا أن الأماكن تبقى محجوزة غير مُستثمرة إلا من قبل هؤلاء، فكيف تُشغل أماكنهم وهم محاربون قدامى، غطوا أحداث المخيمات، وما خلفته آلة الاحتلال من دمار أثناء الاجتياحات؟.

 في الدول المُتقدمة التي لم نواكب ما مرت به وتمر بعد، تؤسس وسائل الإعلام وتُبنى على ركيزتين أساسيتين، هما: الشباب وطاقاتهم والكفاءات بغض النظر عن الجيل والعمر، فالكفاءات تسير بالوسيلة الإعلامية قُدمًا، وكذلك الدماء الشابة التي تُضخ في هذا الفضاء فتحييه بما لديها من خبرات اكتسبتها بالعلم إن لم تكن رغمًا عن انفها في عصر باتت التكنولوجيا ومواكبتها فيه تدخل كل زاوية وتغطي مساحات واسعة من عقول الشباب واهتماماتهم.

 تبدو سياسة الاحتكار جلية واضحة لا لبس فيها ولا غموض، فأكثر وسائل الإعلام ما زالت تعتمد على مراسليها القدامى في النقل والتغطية وما إلى ذلك، تغطية تقليدية للحدث على نهج قديم، كان فارق صفحات الجرائد في دُول تقدمت منذ عقود، في ظل حالة من الفيضان تجتاح المُجتمع إثر ارتقاء طرأ على حالة وعيه فأرتفع منسوب الإعلاميين الصغار – خريجو الإعلام- فيه، وهم في اغلبهم ممن يملؤون فضاءات المقاهي ويشغلون حيزًا كان تركه سوق البطالة شاغرا منذ حين.

 وسائل الإعلام في عصرنا باتت بأمس الحاجة إلى هذه الطاقات العاطلة عن العمل، فهي طاقات واكبت ما طرأ من تطوّر إعلامي عالمي، لاحقت التكنولوجيا الإعلامية ووقفت عليها عن كثب، ودرست جديد النظريات وحديثها، لكنها ما زالت تبحث فقط عن مكان ما لتطبيقها.

 احتكار القُدامى لهذا السوق أودى بنا إلى قاع الأمم، فتلك الأمم في القاع لم تسعى بتلقاء نفسها إلى ما هي فيه، إنما هي التي سارت وفق مقولة " أعطني إعلام بلا ضمير أعطيك شعبًا بلا وعي"، فالإعلام عليه تتكئ النهضة قبل أن تجتاح المجتمعات، فإن تعرقلت بسببه أو ضعفت، ضعف المجتمع واستكان.

 لم نعد نبحث عن المرض الذي أصاب وسائل إعلامنا بمقتل، ولا نحن في مسعى لتشخيص داء ألم بالمجتمع، فالداء بات واضحًا يبحث عن علاج.

 تكمن تلك الأزمة في سياسة وسائل الإعلام المُحتكرة للسوق وهي في معظمها وسائل محكومة بسياسات الساسة وأهوائهم، والتي في أغلبها ما زالت تُوظف المراسل ذاته، الوجه نفسه، وكأن عقدا ابرم بينهما مدى الحياة، فما عادت تبحث عن الجديد في جعبة شباب الإعلام وشاباته من المبدعين الذين ألقى بهم الفراغ إلى سوق البطالة، أو صفحات الفيسبوك يحاولون من خلالها بث ما في عقولهم من آراء، وما تحتويه جعبهم من معلومات.

 ليس ذلك فحسب، لكنه التقدم البطيء، فمعظم وسائل الاتصال عندنا وهي في الأغلب مكتوبة في عصر بات المكتوب يحتضر أو يصارع من اجل البقاء، ما تزال تبحث أو تدرس مواكبة تكنولوجيا الاتصال، فبعد سنوات من المماطلة شكّل بعضها مواقعًا الكترونية، ولم يشكل البعض الآخر، مواقع لم ترق بعد إلى ذلك المستوى الذي ارتقت إليه الوسائل ذاتها في أماكن أخرى من هذا العالم الصغير.

 فإذا ما أمعنا النظر في صحفنا، نجدها وقد عمدت إلى مواقع الكترونية محدودة الاستعمال، لا طواقم فيها ولا محررين، يزورها أحدهم في الصباح فلا يعود إلا في صباح اليوم التالي ليلقي بالصحيفة كما هي على لوحات رقمية مُهترءة .

 وفي الوقت ذاته، تَضخ جامعاتنا كل عام المئات من دارسي الإعلام من الشباب، يتوظف بعضهم في مكان لا متسع فيه للتطور من خلال مدير قريب أو مُوظف ( ايده طايلة)، بينما يُزج بالمئات الآخرين في سوق موحش مُظلم، يبحثون في زواياه عن قبسٍ من النور، فيضطر سواد أعظم إلى الانتظار إلى حين يُعلن عن مكان شاغر تركه احد قُدامى المُحاربين.

 ليست العبرة في الاحتكار فحسب، فمشاهد الخراب والدمار ما زالت تلاحق وسائل إعلامنا حتى تلك التي تتغنى بضخ الدماء الشبابية، تلك القدرات الجامحة التي تعطل فجأة بقرار رئيس التحرير، فتطلب الصور ثم الصور أولا، ثم يطلب النص الذي يكثر فيه من المديح لمن أدام الله فضلهم وعزهم وملكهم، ثم تهدر طاقاتهم أيضا من خلال العمل الروتيني المعتاد على غير تطور ولا رقي في وسيلة تأبى الرقي وتتجنبه، فتنعدم الخبرة وتذهب القدرة، وتشيع في الناس أسباب الضياع.

 ولعل الأهم في هذه المرحلة وما يمر في سردابها، هو تكاتف هؤلاء الجدد، إما من خلال تشكيل رابطة " للإعلاميين الجدد" أو العمل الجماعي من خلال مؤسسات مُتفق عليها ترفع من شأنهم وتوفر لهم الأجواء الملائمة لاستغلال ما اكتسبوه من طاقات، ودرء مخاطر سرقة ما يقدمونه وانتحاله بأسماء الذين من قبلهم ممن ما زالوا على نفس العروش متربعين.

 هذا إلى جانب الاستمرار بالعمل والتطور عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، دونما كلل ولا ملل، بلا خوف ولا جزع، واستغلال حالة الطوفان التكنولوجي التي سمحت بإقامة وسائل إعلام حديثة العهد سلسة التصفح غنية المضمون عبر ساحات الانترنت والتي لا بد أن تحل بديلا خلال فترة وجيزة لوسائل إعلام بات همها الوحيد جني الأرباح بشتى الوسائل والطرق.

 ولان مسيرة الإصلاح تبدأ بخطوة، أرى أن التمرد على الواقع الإعلامي المقيت، يجب أن يتجه نحو مواقع التواصل الاجتماعي وتعميق الوعي في ثقافة المدونات، هناك في ذلك الفضاء مساحات واسعة للتعبير، وكذلك مساحات واسعة للتغيير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


Best Blogger Tips