كوني له
نورًا يكون لك مهندًا
الأتراك قدموا نموذجا رفيع المستوى
من العلاقات المثالية بين الرجل والأنثى ( مشهد من المسلسل التركي نور)
باقة الغربية – مُحمد خيري
" لم أجد من التغيير
بدًا"، قالت الشابة أسماء ابومخ من سكان مدينة باقة الغربية بامتعاض شديد
استنكرت من خلاله، ما طرأ من تغيرات باتت " مزعجة" جراء متابعة الرجال
للمسلسلات التركية، التي اعتبرت ما يجيء فيها مجرد تمثيل يناقض واقع الحياة.
وأظهرت أبحاث كثيرة واجتهادات قام بها عدد من الخبراء مؤخرا، أن حالات طلاق كثيرة للغاية وقعت خلال السنوات الأخيرة، جراء قضايا وخلافات أسرية أثارتها المسلسلات التركية، التي استطاعت أن تقلب الموازين الأسرية والمفاهيم في آن واحد.
وتظهر المسلسلات التركية
نموذجًا رفيع المستوى من العلاقات المثالية ما بين الرجل والأنثى، علاقات رومانسية
مليئة بالحب والعشق والمشاعر، إلى جانب تقديمها لتلك الأنثى المنمقة المغرية، تلك الصفات التي غيّرت
خلال سنوات مفاهيم صنعتها العادات والتقاليد في المجتمع، بات عمرها يتجاوز المائة
عام أو يزيد.
رومانسية وإغراء ... مطالب
مشروعة
"مطالب زوجي في الفترة
الأخيرة ظلت تقض مضجعي حتى قررت الانصياع له ولإرادته، تقول أسماء،"
وذلك خشية على نفسي بان يقترن بأخرى تلبي
له مطالبه، وتتمثل بتلك الهيئة التي تستحوذ على مخيلته للمرأة العصرية الجذابة،
تمامًا كما يشاهدها في شاشة التلفاز".
وأضافت:" المسلسلات التركية
غيّرت وجهة التفكير لدى الشاب العربي بشكل غريب، فبات يحلم بتلك المرأة الرومانسية
محبة الورود وعاشقة الدموع والتضحيات، تلك المرأة التي تضحي بكل ما تملك من اجل
شاب، تعيش أيامها لأجله، ولا تنام الليل إلا بوجوده، تلبس القصير الجذاب، وتبدع في
فن الماكياج وقص الشعر وتهذيبه" .
ورغم المطالب العسيرة المزعجة
كما وصفتها، إلا أنها مطالب مشروعة، تقول ابومخ، " فمن حق الرجل العربي أن
يستمتع بوجود زوجته، أن يجد ريحًا طبية تعبق في أرجاء المنزل، وان يتمرد على رائحة
المطبخ، وكأن المطبخ صار من شيم النساء وديدنهن".
التغيير ليس حلمًا
وأشارت إلى أن الرجل العربي
المتابع لمسلسلات التركية بدأ يشعر بحاجته إلى تلك الأنثى، التي من الصعب أن تتحقق
في كل النساء وقد تكون بعيدة عن الواقع في كثير من الأحيان، ولكن حقًا، على نسائنا
اليوم أن يخرجن من علبة المطبخ وان يتحللن من عقدة الحياء، فلا حياء أمام الزوج
الذي من حقه أن يرى زوجته متمثلة له بأحسن الهيئات، تشعر به وتمارس معه الأجواء
الرومانسية التي يعتبرونها دخيلة، واعتبرها أنا واجبًا ".
أسماء التي تزوجت قبل ما يقارب
عشرة أعوام، لم تعتد على مثل هذه الأجواء الرومانسية، أو الملابس المثيرة والعطور
ذات الرائعة الجذابة كما تقول، " ولكنني حقًا ورغم أنني انزعجت لوهلة من
مطالب زوجي الذي لم يترك مسلسلا تركيًا إلا وشاهده، إلا أنني شعرت أنني فعلا مقصرة
بحقه، فللرجل حق بالاستمتاع كما للمرأة ذات الحق، ولذلك وجدت من السهل أن ارتدي له
ما يشاء ".
وأضافت :" الأمر سهل
للغاية، فانا شخصيا، استطعت أن أحافظ على عائلتي من التفكك، وقررت تلبية مطالب
زوجي، ولم يكلفني ذلك عناءً كبيرًا، وقد أحب زوجي ذلك النمط الجديد، بل وجدت فيه
راحة ومتعة، حقا لم أكن اشعر بهما من قبل، واستطعت تحويل مجرى حياتي وحياة زوجي إلى
الأحسن ".
معايير الرجولة .. مرحلة
تطور
ولا يقف الحد عن النساء فحسب،
فهذا الشاب خالد محاميد من سكان مدينة أم الفحم، يؤكد أن المطالب المتعلقة بمعايير
الجمال والأناقة لحقت بالشباب أيضا، من بعد سنوات طوال ظلت مقولة " الرجل ما
بنعاب" " والرجل بأفعاله" تسيطر على المجتمع .
يقول محاميد وهو أب لطفلين
ومتزوج منذ 5 سنوات " في البداية وخلال فترة الخطوة وحتى السنة الأولى
والثانية لزواجي، لم تكن زوجتي تهتم لمنظري وأناقتي، ولم تسألني يومًا لماذا لم
احلق لحيتي أو شعري، أو تراقبني أن لم اقتني عطرا أتطيب فيه، بيد أن الواقع بدأ
يتغير تدريجيًا حتى أصبحت تلح علي بان انتقي من الملابس ما هو ملائم وعصري، ومن
العصر ما هو جذاب، وان أحافظ على مظهري ومنظري، من بعد أن كان جل اهتمامها هو
السهر على راحتي فقط".
الأناقة والجاذبية .. للرجال
أيضًا
وأضاف :" حقًا أنا وزوجتي
من متابعي المسلسلات التركية بشغف، نعم أنا شخصيا أحب أن تحافظ زوجتي على أجواء
لطيفة وان ترتدي المثير الجذاب من الثياب في المنزل فهذا من حقي، ولكنني لم أطالبها
بذلك أبدًا إلا حينما بدأت هي بمطالبتي بالأناقة والاهتمام بالمظاهر".
وقال :" الأناقة والأجواء
اللطيفة حق للزوجين، لذلك لم أشعر بأي خجل من الاهتمام بنفسي والظهور أمام زوجتي
لمظهر جذاب، فهذا حقها، والأمر ليس معقدا لهذه الدرجة، بل يجب علينا مراعاة هذه
المطالب الواقعية الهامة، فلزوجاتنا علينا حق كما لنا عليهن حق، وعلينا الخروج من
النمط التقليدي الذي نعيشه اليوم، حيث الرجل خشن الطباع، الذي يعود من العمل
لتناول وجبة الطعام والراحة ثم للخروج مع الأصدقاء".
وخلص محاميد بالقول :" من
تجربة شخصية، انصح جميع المتزوجين الاهتمام بمظاهرهم سواء طلب منهم ذلك أم لم يطلب
فهذا حق لا عيب فيه، وانصح أيضا بالاهتمام بالمرأة ومعاملتها بطريقة مثلى كما
تستحق لا كما عودتنا الأيام والعادات البالية، فلا عيب في ما نراه في المسلسلات
التركية، وارى أن التغيير بحاجة إلى قليل من الفهم وقليل من الجهد والتعود فقط ولا
ضير فيه، وارى كذلك أن عدم التغيير في مثل هذا الوقت من العصر، قد يثير مشاكل أسرية
نحن بغنى عنها، وكم من حوادث طلاق كانت الهيئة والمنظر وسوء التفاهم بين الزوجين
سببا رئيسيا لوقوعه ".
معايير الاختيار
ولم يعد الأمر حكرًا على
المتزوجين من الرجال العرب والنساء فحسب، فتعدد الشكاوى في الآونة الأخيرة، وخاصة
من قبل الشباب، نظرًا لخضوعهم لعملية اختيار تتم وفق معايير تركية، كما وصف الشاب
احمد ابومخ.
" خطيبتي كانت تطالب
بالمستحيل، فجأة وجدتها تريدني أشقرًا، وسعت لإقناعي بان اصبغ شعري فرفض ذالك
وأصررت على رفضه، اندلعت مشكلات كثيرة بيننا تتعلق باللباس وطريقته، وأسلوب الحديث
ونوعية الهدية التي صارت وكأنها واجب علي أن أؤديه دائمًا، فلم نجد بدًا من
الانفصال ".
ويبدو كلام ابومخ ليس بعيدا ولا
هو غريب، إذا ما وضع في ميزان واحد، مع ما قالته الشابة ريهام مواسي ( 22 عامًا)
التي كشفت عن وجود معايير خاصة تختار الفتاة من خلالها فتى أحلامها في أيامنا هذه.
تقول مواسي :" في أعقاب
انتشار المسلسلات التركية بداية من مسلسل " سنوات الضياع" وما حواه من
تضحيات ورومانسية بالغة وحتى مسلسل " نور" وما احتواه من لطف في التعامل
وأناقة وجاذبية وإغراء، يبدو واضحا أن تغييرا طرأ على مجتمعنا، فمن جهة من حقنا أن
ننعم بما شاهدناهن ومن جهة أخرى بات الأمر مؤرقًا، فالكثير من الفتيات باتت تضع
صورة فارس الأحلام في ذهنها، فارس الأحلام الذي في كثير من الأحيان يشبه أولائك الأتراك
المنمقين، والذين من الصعب العثور على شبيه لهم ".
الأزمة الايجابية ..
بالتفاهم حل
وأضافت :" الواقع يؤكد أننا
كفتيات أصبحنا نشعر أننا كنا قد افتقدنا هذه المعاملة وما نستحقه من الرجال على مر
القرون الماضية، لذلك أرى انه من حقنا أن نحصل على ما نريد، وان نختار رجلا جميلا
مهذبا رقيقا في التعامل ولطيف مع زوجته وفي بيته ".
وقالت إن الحل لما أسمته بالأزمة
الثقافية الايجابية يمكن في " أن يتفهم الرجال متطلبات النساء وكذلك العكس
أيضًا، الأمر غير معقد، على الرجل أن يتهم بنفسه وبأناقته، وان يتهم بمعاملة زوجته
وان يتفهم ما تطلبه النساء من حقوق مشروعة، وكذلك على المرأة أن تهتم أيضًا لمطالب
الرجل، فتكون في منزلها ملكة معطرة أنيقة جذابة ولا عيب في ذلك".
وخلصت بالقول :"الأمر سهل
للغاية ومواقع الانترنت اليوم مليئة بالوصفات السحرية للرجال والنساء في كيفية
المعاملة وماهية الاحتياجات، اعتقد انه قد آن الأوان للتخلي عن بعض القيود البالية
التي تلاحقنا في منازلنا أيضًا ".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق